الشغب داخل القسم الدراسي
كثيرا ما نسمع بمعارك ضارية داخل الفصول ، حيث أصبح التلميذ يهدد أستاذه بأصناف الوعيد، ويسب ويشتم مدرسه . ويصفه بأشنع النعوت بدون حياء. بل ويضرب ويلكم ويرفس الإستاد داخل الحجرة المدرسية التي من المفترض أن تكون أرضية للتعلم واكتساب المهارات ، لا حلبة للملاكمة .
قديما كان الأستاذ يسأل عن نبوغ وذكاء تلامذة المنطقة التي يود أن ينتقل إليها وحديثا أصبح يستفسر عن مدى خضوعهم ومرونتهم مخافة أ´ن يعين في مؤسسة يكون أهلها ذوو باس شديد. كما كانت نقاشات المدرسين تدور حول طرق التلقين والتفاعل الإيجابي للمتعلمين الأذكياء، واليوم أضحى السجال حول كيفية ترويض التلميذ المشاغب . قديما كان المدرس يلجأ إلى المكتبات لإغناء رصيده والتوسع في المحاضرات وحاضرا ينخرط في نوادي فنون القتال وفتل العضلات ، استعدادا للمعارك الضارية .
لقد أصبح المدرس معلما وحارسا للأمن ومروضا للضواري ، وأضحى التلميذ أسدا يزأر داخل المؤسسة . فما المنتظر من متعلم -إن صح نعته بذلك - يقص شعره بطرق بهاء ويمشى مشية الخيلاء، وفي فمه علكة يمضغها، وفي أذنيه سماعة الموسيقى، ولباسه يحكى عن الدلع الزائد. وجلسته على المقاعد تنم عن كسل شنيع . أما إذا تحدث ، فويل للحروف والكلمات ، وإذا عبر ترتعد اللغة.
نعم ، عاد المعلم كالعرجون القديم ، وتجاوزه الزمن في عصر الموضة والإعلام الماجن ، والتفكير العنيف ، فحكايات التمرد والعصيان داخل الفصول زادت عن حدها، والتلاميذ أ´مسوا سكارى ومخدرين ومدخنين ، كما غدت الحجرات المدرسية إصلاحيات ودورا للتأهيل الإنساني وسجونا مظلمة . ونخشى أن يصير زمننا وقتا للنفور من خدمة التعليم خاصة بالإعدادي والثانوي.
إن التهويل من كلمة مراهق وسن المراهقة من الأشياء التي تطفح الكيل وتزيد الطين بلة . فالتستر وراء هذه الكلمات ما عاد شيء يبرره ، بعدما ضاعت القيم وزاغت بنا السبل إلى متاهات الضياع . وبعدما حطمت كرامة الاستاذ وأضحى مجالا خصبا للسخرية اللاذعة. فالأحرى بالمدرس ان ينتفض لرد الاعتبار قبل أن يطالب بحقوق أخرى.
والحق أن المسؤولية تقع على الجميع من أباء وأولياء ومدراء ورؤساء أقسام ونواب أقاليم ووزراء... لان المغرب ليس للحظة الآنية فقط ، بل هو دولة المستقبل . وما لم تعد الأمور إلى نصابها فما قام تعليم ولا نهضة ولا تقدم أمام هذا الجهل الذي يرتدي قناع الشهادات المزيفة.